Thursday 20 December 2012

رحلة البحث عني !


لحظات الوداع الأخيرة ، قليلاً ما تتسم عندي بملامح البكاء أو النحيب على الفراق ، ولكن بعد مضيّ وقت من ذاك المشهد أجد نفسي غارقة في عبرات ذكراهم وأصوات ضحكاتهم واجتماعاتهم وتسامرهم إلى الفجر ، ولكن آية هذه الحياة الفراق لنبحث يوماً عن أنفسنا في رحلة طويلة ، ما آن لها يوم أن تكتمل ، بل حان لنا أن نبدأ أولى خطواتها في سفينة مسجاة بالآمال المترقبة ، والأحلام المفعمة بالأمل ، حقيقة ليس لهذا الكلام العابر طريقاً لوصفها فهي تبدو لي ولكم أكبر من كونها كلمات في سطور ، بل هي حياة تعيش فينا أكثر من كوننا نعيش فيها ، وحينها نربت على أكتاف الماضي لتوديعه بكل أمل فيما هو آت غداً ، والصبح قريب..

لحظات وترسو السفينة ، في أولى محطاتها ، ولعلها لن تكون الأخيرة ، فالحياة وإن صغرت في عين رائيها فمحطاتها لا تنتهي ، ومحطتنا الأولى ليست بعيدة عن متناولنا كثيراً وآن الآوان أن نراها أو أن نستشعر وجودها في حياتنا ، بل لعلنا لمسنا خيوط عبيرها واستنشقتها أنفاسنا الضئيلة ، تلك التي لا نراها إلا في الأحلام ولعلها لا تأتي إلا إذا أحبكنا قصتها في خيالنا الغض ، ليست رؤى مبهمة بل هي واضحة جداً مرآى العين للجميع ، حين يستشعرها القلب وتتحرك لها الأحاسيس المذعنة بالخضوع ، ولكن ما تلبث إلا أن يبكي العقل رثاء لها ويأبى لها أن تستمر ..!

لعلها لم تستمع رويداً لحديث العقل ساعة فندمت ساعات كثيرة ، لم تعلم أن الحياة تدبير شؤونها هو العقل لا القلب ، ولم تكن المشاعر هي أعمدة ذاك البيت الصغير الذي تحلم به مع من كان لقلبها ساكنا وأنيسا ..

لا تعلم كم لتلك اللحظات السعيدة من جروح غائضة تتألم منها إلى ساعتها هذه، لعلهم لم يحسبوا مع حسابات الأيام والشهور والسنين حساب أيامها هذه ، فلا العقل يدري ما بها ، ولا الأيام تشفى عليلها ، ولا الضحك ولا البكاء ينسيها ما كان يوماً لها ، لعلها لم ترد إلا أن تكون كغيرها ممن اقتصر مرآها عليهم ، ولم تدرك ما للجانب الآخر من جمال ، لا ترى إلا من عقب الباب ، من ذاك المكان الضيق وتلك الفتحة المبهمة التي نستشف منها القليل القليل من الضوء العابر ، وبصيص رسمناه في لوحتنا الوهمية ، لعله يشف عليل فؤادها ، بل لعله ذات يوم يكون تلك الشمس التي تشرق لها حياتها..

"وحين ساعة الانتظار ، وحين تدق الأجراس وتعلن سعادة من كانت هي مكاني هنا تنتظر ، أرفع راحتيّ للسماء وأدعو بصوت عال "الأمل قريب" ، ولكن.. لقد غاب عني أن تلك التي كانت هنا .. لم تكن هنا ! فكيف لي أن أكون هناك مكانها " غيبتْ عقلها ولم تستمع إلا لوحي خيالها وحنين فؤادها لعالمها الورديّ ، لم تحسب حساب أيامها هذه ، ولم تعد العدة لها ، ووقفت تتسمر في مكانها والبسمة ملئ ثغرها ، لعل الشمس تخطئ وتمر من هنا يوما ..!!

لم تدرك… لا ،، دعنا من حكاية الإدراك الآن ، فما كانت تخفيه كان أعظم من أن يدركه الإدراك يوماً ، ذلك بأنها نسيت أو –تناست – من تكون ، لم يكن للآخرين وازع لديها ، ولكنها لم تعلم أن الواقع الذي ينسج خيوطه حولها يجبرها أن تراعي من مدّ يديه يوماً لها وترك مكانه الأثر الجميل قبل أن يغدوا في الغدو والرواح.

لم ترى سوى ما تهيأ لها من أحلام زائفة ورؤىً مبهمة ، فلم يعد ذاك الجميل جميلاً ، ولم يعد ذاك الصديق صديقا، ولا ذاك الحبيب حبيبها ، فقد اختارت لها طريقاً لا تعلم هي ملامحه ولا لأين مرساه، لم تنصت لتخضع لهمس العقل الذي ما كاد يلفظ أنفاسه بعد أن أخمدتها بلهيب عصيانها وجمودها على قوانين الواقع ،إلا أن تقيده بالأغلال والقيود، و تمضي الساعات الأخرى دون جدوى.

أتنتهي رحلتها هنا أم أن الطريق مازال على أشراف بدايته ، ولكل حدث حديث ،ولكل مبتغى طريقة له ، ولكنها لم تحسن اختياره ولم تحسب بدايته لنهايته ، ولم تتوقع نتائجه و عواقبه ، ولكنها استمرت في المضي قدماً دون أن تراقب عيون من لم تغفل أعينهم عنها يوما.

ما لبثت إلا أن بدأت تنسج القصص الكاذبة لتكتم بها الأفواه الجائعة ، وترتقب بلوج "الوهم" في عينيها ، وليس لبلوغها من شيء سوى تلك القشة التي ما آن لها أن تقصم ظهر الأوهام ، التي ستعبر بها إلى ما كانت هي له ، وما كانت لتكون فيه ، وأين هي من موضع قدميها الآن.. لتنتهي محطتنا هنا .

ولكن لم نعلم ما هي نهايتها ؟

فهل لا بد من أن ننهي كل ما بدأناه ؟

حينها أدركت أن ما من بلوغ لما تريد ، "ومازالت لا تدرك لماذا لم تستطع أن تصل كغيرها" ، فبدأت تخيط ملامح النهاية دون أن تدفع الثمن لها ، فقد سرقت كل ما تحتاجه لتنهي قصتها ، سرقته ممن لعب دور الضحية في قصتنا ، سرقت أغراضاً كثيرة ، سرقت نومه وهناه وسرقت سعادته وابتسامته ، سرقت أغلى ما يملك ، سرقت قلبه..!

آن الأوان لها أن تصعد على متن تلك السفينة بعد محاولة فاشلة لم تدرك قيمها حتى الآن..! لعلها يوماً تجد من تكون…

صاب بإحباط شديد في محاولة جادة منها للتغيير – الأفضل فقط- ولكن لا جدوى ما دام أن اختيار شخوص حكايتها لم يكن موفقاً حينها إلا بعد فوات الأوان.

هنا أتيت لأروي قصة الرحلة الثانية تلك التي تحمل في طياتها معالم الازدواج ، في كل شيء حتى في " النفوس"..! أتلك كانت نفوساً مريضة ، أم أن التعامل معهم بمبدأ الإخلاص والنية الحسنة ، ليس مسراهم، كيف ذلك؟! وهل يمكن علاج النار بالوقود !


تلك الوجوه المريضة ، كانت لا تحمل الحب في حقيبتها ، لا تحمل سوى قناع الازدواج المبهم ، تراهم وتجزم أنهم هكذا ، ولكنها تعزم على تغييرهم للأفضل لعل الخير يلج بناظريها .. ولعل العِلة على راحتيها تزول ، ولكن هيهات ، فما كل الرّجا ملموسُ ..!

محطة أخرى وقصة أخرى ، ورغبة عارمة في معرفة المجهول وكشف المستور ، وفضول قاتل لمعرفة ما تكنوه تلك المتعجرفة – حسب ما وصفوها- وراء قلبها الطاهر ، لماذا لا تسير مراكبها كما نسير نحن ؟! وإدراك تام بأنهم على الخطأ وهي الصواب كله ، ولكنها محاولة فاشلة لمواراة الحقيقة خلف قناع الحب المزعوم .!


فتحت لهم باباها حين آلامه ضربهم فيه من خلفه، وأصواتهم المتداخلة ، ولكنها أدخلتهم الفؤاد – على أعتابه- ،لأنها لم تتعود أبداً أن ترد سائلاً لها ، كانت حذرة منذ البداية أن لا ينتزعوا منها دليلاً عن مكنونها إلا ما تريده هي أن يكون لهم و (فقط) ، لعلها بذلك تستطيع أن تغير تلك النفوس – لم تدرك إلى لحظتها هذه أن تلك هي النفوس المريضة- تلك التي كانت تقرأ عنهم في الكتب ولكنها لم تتلمس وجودهم في الواقع .

رغبة و إرادة وعمل مستمر في محو تلك الضغائن وتغيّير تلك النفوس ، فما كان لها أن يدرج اسمها تحت لائحة “هم العدو” في حرب باردة ، لم يكن لها يد فيها ،حتى وجدت نفسها بقوة من الواقع –فلا خيار هنا سوى المواجهة – ودخول المضمار ، ولكنها مازالت بعيدة جداً عن خط البداية ، ولازالت تسعى إلى " الصلح".

لم تنتهي محطتها الثانية بسهولة ، لقد تطاولت عليها ألسنتهم وعقولهم و حماقتهم في كثير من الأحيان ، وفي محاولة فاشلة للإدلاء بشهادات كاذبة بما يدور وراء ظهرها ، لم يدركوا تماما أنها تدرك وتعي جميع الأطراف: المتلون منهم ، والقائد ، والمنتظر خلف الأسوار في قصتنا هذه ..

الغاية :فيها من الواقع الشيء القليل ، ولكن الذكرى الذي تحمله بين طياتها دفنته في التراب بل وترحمت عليه بقلب سؤود ، لم تهتم يوماً للترهات التي كانت تنسج حوله وسعت أن تتخلص منه بكل السبل ، رغم وعثاء السفر وشقاء المنظر وحنين للمنتظر ، لم تستلم يوماً ، فما أرادوا أن يصلوا إليه يوماً ونصبوا الشِرك حوله لم تتناوله أيديهم ولم تنعم به أسماعهم بل ولن ..!

كلمات متقطعه ، وحديث ثائر في آخر محاورة لها معهم ، في محاولة جادة لآخر رمق في التغيير ، لا أخفي أنها ساذجة بنيتها هذه ..! إن كانت تعلم منذ البداية فلما المحاولة في كثير من المرات ..ولم الاستمرار في مزاولة المشاعر..! ، الجواب هنا بسيط ،رغم ندمها على استمرارها بسماعهم والرد عليهم يما يرضي ضميرها وأخلاقها فهي سعيدة جداً أن تعامل الناس بأخلاقها لا بأخلاقهم ، وإن لم تجني شيئاً وإن لم تسمع شكراً ، ولكنها أيضاً لم تستمر في التمرغ في الوحل كثيرا ، فلكل حرب نهاية –و غداً سنعلم من المنتصر – ، وقد سطرت خطوط نهايتها قبل أن تتأذى مشاعرها أكثر ..الأجمل هنا أنها أدركت أن النفوس المريضة ، لا يمكن تجريدها من الضغينة ، حيث يستحيل أن تعيش ملاكاً بين البشر مهما كانت نواياك "حسنة" .

وإلى هنا نسدل الستار عن ذكريات حفرت على شواطئ مرسانا ، ننهل منها العبر ، لتكون عبرة لمن اعتبر، ولنمضي قدماً لـ ربما يأتي الغد بجديد فـ (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ) ، وغداً رحلة جديدة ، وغداً نبحر في محاولة دؤوبة للبحث عن الذات.

(بناء افتراضي)

كناتج طبيعي لأي رحلة تتسم ملامحها بالغموض ، وغايتها بالمجهول، اليأس الذي بدأ ينسج أشراكه في مراسم القلوب المتلهفة يوماً بعد يوم لاكتشاف المزيد ، في تلك الذات التي لا دليل يقودنا لها إلا ذواتنا الشقية وراء البحث عنها..!



في رحلة ثالثة – ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة على الأقل الآن فقط – حيث شمرت عن ساعديها وتأهبت جيداً وبدأت في رسم معالم ذاك العالم الافتراضي الذي لا وجود فيه لحدود المسافات ولا لروابط الكلمات ولا لتدوين الذكريات ، ببساطة لأن هذا العالم وحي من خيال ، لا نتبع فيه سوى قانون الذات ، تقودنا أحياناً ضحكات خلف الآهات ، تأبى الرضوخ لما هو دون الطموحات ، عالم لا نحتاج فيه للتزيين فهو ببساطة مناص للحسنات ، ولا مكان فيه لإبداء السيئات ، عالم افتراضي ، افترضنا فيه وجود ما نريد ، وبين هذا وذاك وعلى غفلة كانت من نصيبنا صفعة الأيام ، توقظ الغافل من سبات الأحلام ،فهل تلك التي ظننت وجودها في أروقة الطرقات ، ويتراشق همس نحيبها الكلمات ، وتناورها أرواح وشهقات ، وسعي دؤوب و نبش في ثرى الآهات، تختبئ حقاً خلف المسميات؟! ،أم أن غياب العقل غيّب المسلمات؟! ، ومازالت حدود الإدراك لم تعيّ أنه لا وجود لها بين الطيّات ، ولا في تلك اللفائف أو الصفحات ، هي كتاب مفتوح قرأت أسطره تلك العثرات ، وكل إشراقة صبح كانت لكِ تلك التي أسميتها "الذات"…!



( إدراك ، عقل ، قلب ، مسلمات ، مشاعر ، عبرات ، ذكريات ) تلك كانت مجرد " كلمات" ، سعت كثيراً لإيجاد الرابط بينها بشتى المحاولات ،ومحاولة جادة لكشف الحقيقة من بين الزيف والترهات .. ولكن هل تصل الحقيقة بين العالمين ؟! بين عالم تعايشت فيه أرواحنا ونبضت فيه سويدات القلوب ،هناك حيث وجدنا ما نريد لأنه ببساطه ما صنعته أيدينا و أدارة عجلته مخيلتنا ،و دون انتظار للتصفيق و الهتافات ، وحين قلنا نحن كذا وكذا دون شهادات ودلائل إثبات ….


وبين آخر كانت الأقدار هي الشراع والرياح والمجداف ، ونحن لم نكن سوى " ركاب" نعم ..! لم نكن سوى ركاب سفينة ذاك العالم ، وتمر لحظات التناقض لتهز فينا الكثير ، الكثير مما واريناه خلف القلوب في ركن صغير أمام شرفة غابرة تنتظر بارقة ضوء للغد ..

لحظات نضعف أمامها فنجد أنفسنا بعد أن نعتنا أنفسنا بالأقوياء الشدائد ذوي القلوب الحاجرة التي لا تخاف المستحيل ، بالضعفاء المتخاذلين عند لحظات الحقيقة لا لحظات الخيال المبهم والسيـَّر المتعجرفة ، والتزيّف ، والتصنع لتحقيق ذواتنا ..! الغريب في الأمر أن جميع سكان هذهِ الأرض بين هاذين العالمين ، فهل نعيش جميعاً ازدواجاً في شخصياتنا ؟!! أم أنه من الطبيعي أن نسير دوماً عن مفارق الطرق ؟

سؤال كتبته على شاطئ رحلتها الثالثة بعد أن حزمت أمتعتها ، لتعود حين تعود، وتجد الجواب ، فهل يحمل أحد جواباً على سؤالها ؟…جلست هنالك خلف التلةِ الصفراء..!.. الخوف يقتلها ، والشوق يحدوها ، يتراءى لها لوحة وهْمية ،مرسومة بحبر أسود ..
 ا..لا..لا إن الأسطر خفية ، لا مَعالم لها ، تكاد تشبه لوحة ضبابية ، أو أخرى تميل لـمرسومةٍ فنية..
جلست هناك ..فـأطرقت في الذهن شاردة .تتساءل في حيرةِ المغلوب ، في حيرةِ الواهن .. أوا تكمل المسير ؟!، أم
أن الطريق طَـال بـَلا جدوى وأنّ الحَنين فاض على أكفهِ فصار كاهلاً على أعناق حامليه ، طريق البحث طويل بلا 
جدوى ، فـدّب الملل في أوصالها حتى كادت تسرق لحظاتٍ من غيرها بلا حق ..! -ومن هنا بدأت الرحلة-، 
فبدأت رحلتها الوهمية بنسيج لسراب (كان)..!بدأت من حيث لم يكن لأحد سلطةٌ على مشاعره .. بدأت حيث لم يكن بيدها أن تنتشله من بين أحضان الأخرى – 

الضحية – ، هي لم ترغب في الأذية ولم تتعمد الخيانة ،فـكانت من النظرةّ الأولى حين أطرقت في حيرة 
المذهول ..فزواجه حان .. وكل هذهِ أوهام أوهام . إذاً أكانت البداية (منها ) أم (منه)؟… لا يهم ..فتفاصيل كهذه لم 
تعد تهم أحداً …! هي أحبته وظنّت أن فيهِ ستجد ذاتها ..ستجد ضالتها …ستجدها..!
كم كان مقنعاً ! كم كان ينسج لها الأوهام ويسْدلها خيطاً خيطاً ليصنع ثوباً من “ العشق ” خلف أسوار “ الكذب” ، 
وثقت بكل الأحرف النكرّاء التي صُنِعت لها بكل الأقنعة السوداء ، فقناع يضحك ، إلى قناع يبكي ، فقناع يحن ، وقناع 
بتألم ، فقناع بشعر بوحدة في غربةِ الاشتياق ، حتى قناع من أحرف مسروقة من نجمات الفؤاد … وكلها أقنعة .. !
هل كانت بكل هذهِ الحماقة والسذاجة لأن تُسمله المقاليد كلها ؟!
معلنة بأن قلبها اليوم هو الصواب وبما أن العقل فشل في رحلةِ البحث عن الذات ، فحان للقلب أن يستلم القيادة 
بكل حريةٍ وسيادة ..! 
“احذري” ….كانت أول رسالة تتلقاها ولم تلقي لها بالاً ، 

“لن أخاف اليوم ، فما أشعر بهِ يدب في أوصالي لم أشعر بهِ آنفاً ، هو مختلف باختلاف الكون وتفاصيله ، مختلف جداً … “
هكذا هو الرد مع كل من يحاول ردعها ..
“ الاختيار لكِ في أن تبحثي عن ذات موجودة في أوصالك في غير مكانها ..لأنك لم تتريثي ولم تلبثي أن سلمتي زمام الأمور لغير أهلها.” 
“ لا يهم ،” في تردد وحيرة ، في خوف وذهول ، ودقات القلب في تسارع وأصوات لأبواب توصد بسرعه جنونية ،
وأصوات لصراخ نساء ..لا لا لا هذا صوت امرأةٍ واحدة .. صوت بكاء ..صوت نحيب ، أسمعه بوضوح ، يكاد يخترق صدري  
ويخنقني ، فيمنع عني الهواء ، ويغيب في الأصداء .. 
“لا يهم” ربما كان وهماً كتلك الأوهام .. فذاك الحب ما عرف سوى أن يكتب في سطور السراب بأقلام السراب 
،ولكني مازلت أسمع صوت بكائها .. أعرف هذا الصوت جيداً إنه صوتها .. صوت تلك المرأة التي سرقت منها لحظاتها ا
لجميلة …

“ليس ذنبي أنا” … “ لا بل ذنبك “ .. " أذنب قلبي إذا..! “ … “ لا حق لكِ اليوم أن تبحثي عن ذاتك في غير ذاتك “ 
“ لم يكن لي سلطة على ذاك القلب اللعين” …” كل الأعذار واهية .. واهية … المرأة في مجتمعنا هي المذنبة 
الأولى .. المذنبة الأخيرة … والمذنبة بينهما “ 
“إذا أنا المخطئة ، والمخطئة فقط ..” …”هل عندك شك بأن الخطأ منك وفيك ولكِ “ .
لماذا كان يجب عليها أن تتحمل ذنب السرقة كله ..دون غيرها ، كان شريكها فسرق نفسها ومضى..صبراً .. لم 
يمضي في سكوت ، لا..لا لقد أحدث من الضجة ما أدمى الفؤاد .. فطمر الوهم للواقع .. ولكن بكل جحود بكل 
قسوة .. بلا أسف .
ليأتي متأخراً جداً ..ليقول .. عذراً …عذراً .. عذراً أنا… فـ لا عذر اليوم لمعتذر .. 
“فلا تنهكوا أنفسكم بكتابة رسائل لن تقرأ ، فقد تعلمت الجفاء .. تعلمت كيف أطمر الحنين كيف أقتله كيف أجعله  
لوعةِ الانتقامـ وفقط “
“ هكذا تحكي السطور .. و هذهِ هي نهاية رسالتي … رحلتي هنا انتهت على ضفاف العناء .. في قصتي هذه .. 
سأغلق الدفاتر كلها .. فلم يعد هناك متسع للعتاب .. فلم يعد هناك متسع إلا لذاكرةِ النسيان .. سأترك لكم 
العبرة ..ولذاتي الذكرى .. سأترك لها درساً لن تنساه .. 
هكذا انتهت حروفي وانتهت لوعتي ، وبقى في الوجدان غضب قاتل ببقاء أنفاسي في حياتي هذه ..”








No comments:

Post a Comment